للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما قال الشاعرُ (١):

وكنتُ إذا جارِى دعا لمَضُوفةٍ … أُشَمِّرُ حتى يَنْصُفَ الساقَ مِئْزَرِى

وبنحوِ ما قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكْرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مُفَضَّلٍ، قال: ثنا أَسْباط، عن السديِّ: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ﴾. يقولُ: ثوابًا عندَ اللَّهِ (٢).

حدَّثني يونُسُ، قال: أخْبَرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ﴾. قال: المَثُوبةُ التَّوابُ؛ مَثُوبةُ الخيرِ ومَثُوبةُ الشرِّ. وقرَأ: شرٌّ ثوابًا (٣).

وأما ﴿مَنْ﴾ في قولِه: ﴿مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ﴾. فإنه في موضعِ خفضٍ، ردًّا على قولِه: ﴿بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ﴾. فكأن تأويلَ الكلامِ إذ كان ذلك كذلك: قل هل أُنَبِّئُكم بشرٍّ مِن ذلك مَثُوبةً عندَ اللَّهِ بمَن لعَنه اللَّهُ.

ولو قيل: هو في موضعِ رفعٍ. لَكان صَوابًا على الاسْتِئْنافِ، بمعنى: ذلك مَن لعَنه اللَّهُ. أو: هو مَن لعَنه اللَّهُ.

ولو قيل: هو في موضعٍ نصبٍ. لم يَكُنْ فاسدًا، بمعنى: قل هل أُنَبِّئُكم مَن


(١) هو أبو جندب الهذلي، والبيت في أشعار الهذليين ٣/ ٩٢.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٦٤، (٦٥٦٠) من طريق أحمد بن مفضل به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٩٥ إلى أبى الشيخ.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٩ إلى المصنف. وقوله شرثوابا. هكذا في النسخ والدر المنثور، وليس هناك آية هكذا. وأثبته الشيخ شاكر: ﴿خَيْرٌ ثَوَابًا﴾. من الآية ٤٤ من سورة الكهف.