للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعَظيمِ شأنِه إلى هلاكٍ وعطبٍ أو (١) إلى ذَهابِ عقلٍ وغُمورِ فَهمٍ أو فقدِ بعض آلاتِ الجسمِ؛ صوتًا كان ذلك أو نارًا أو زَلْزَلَةً أو رَجْفًا. ومما يَدُلُّ على أنه قد يكونُ مَصْعوقًا وهو حَىٌّ غيرُ ميتٍ، قولُ اللهِ ﷿: ﴿وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾ [الأعراف: ١٤٣]. يعنى مَغْشِيًّا عليه. ومنه قولُ جَريرِ بنِ عَطِيَّةَ (٢):

وهل كان الفَرَزْدَقُ غيرَ قِرْدٍ … أصابَتْه الصَّواعِقُ فاسْتَدَارَا

فقد عُلِم أن موسى لم يكنْ حين غُشِى عليه وصَعِق، ميِّتًا؛ لأن اللهَ جلّ ثناؤه قد أخْبَر عنه أنه لمَّا أفاق قال: ﴿تُبْتُ إِلَيْكَ﴾. ولا شَبَّه جَريرٌ الفَرَزْدقَ وهو حىٌّ بالقِرْدِ ميتًا، ولكن معنى ذلك ما وصَفْنا.

ويعنى بقولِه: ﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾: وأنتم تَنظُرون إلى الصاعقةِ [التى أصابَتْكم. يقولُ: أخَذَتْكم الصاعقةُ عِيانًا] (٣) جَهارًا وأنتم تَنْظُرون إليها (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤُه: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦)﴾.

يعنى بقولِه: ﴿بَعَثْنَاكُمْ﴾: أحْيَيْناكم.

وأصلُ البعثِ إثارةُ الشئِ مِن مَحَلِّه. ومنه قيل: بعَث فلانٌ راحلتَه، إذا أثارها مِن مَبْرَكِها لِتسيرَ (٥)، كما قال الشاعر (٦):


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "و".
(٢) ديوانه ٢/ ٨٨٧.
(٣) سقط من: ر.
(٤) إلى هنا ينتهى الخرم بالنسخة ص والمشار إلى بدايته في ص ٦٨٤.
(٥) في ر، م: "للسير".
(٦) هو النابغة الذبيانى، والبيت في ديوانه ص ٢٥١.