للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (٦١)﴾.

يقول تعالى ذكرُه: الله الذي لا تصلُحُ الألوهة إلا له، ولا تنبغى العبادة لغيره، الذي صفته أنه جعل لكم أيُّها الناسُ الليلَ سَكَنَا لتَسْكُنوا فيه، فتَهْدَءُوا مِن التصرُّفِ والاضطراب للمعاشِ، والأسباب التي كنتم تتصرفون لها (١) في نهاركم، ﴿وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا﴾. يقولُ: وجعَل النهارَ مُبْصِرًا لمن (٢) اصطَرف (٣) فيه لمعاشِه، وطلَبِ حاجاتِه؛ نعمةً منه بذلك عليكم، ﴿إنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ﴾.

يقولُ: إن الله لمتفضِّلٌ عليكم أيُّها الناسُ بما لا كُفْءَ له مِن الفضلِ، ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾. يقولُ: ولكن [أكثركم لا تشكُرونه] (٤) بالطاعة له، وإخلاص الألوهة والعبادة له، [ولكنه يَعْبُدُ معه ما يَضُرُّه ولا يَنْفَعُه، من غير نعمةٍ قد سلفت له إليه] (٥)، ولا يد تقدَّمَت له عندَه استوجب بها منه الشكرَ عليها.

القول في تأويل قوله جلَّ وعزَّ: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٦٢) كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٦٣)﴾.

يقول تعالى ذكره: الذي فعل هذه الأفعال، وأنعَم عليكم هذه النعم أيها الناسُ، الله مالِكُكم ومُصْلِحُ أموركم، وهو خالقكم وخالق كلِّ شيءٍ، ﴿لَا إِلَهَ


(١) في م: "فيها".
(٢) في ص، م، ت ٢، ت ٣: "من".
(٣) في م: "اضطرب"، وفى ت ١: "اضطر"، ويقال: فلان يصرف ويتصرف ويصطرف لعياله. أي: يكتسب لهم. ينظر اللسان (ص ر ف).
(٤) في م: "أكثرهم لا يشكرون".
(٥) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.