للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشركين - بالضلالِ، بعدَ إذ رَزَقَكم الهدايةَ، وَوَفَّقَكم للإيمانِ به وبرسولِه، حتى يَتَقدَّمَ إليكم بالنَّهْيِ عنه، فتترُكوا الانتهاءَ عنه، فأما قبلَ أن يُبَيِّنَ لكم كراهيةَ ذلك بالنهيِ عنه، ثم تتَعدَّوْا نهيَه إلى ما نَهاكم عنه، فإنه لا يَحكُمُ عليكم بالضلالِ؛ لأن الطاعةَ والمعصيةَ إنما يكونان مِن المأمورِ والمَنَّهِيِّ، فأما مَن لم يُؤمَرُ ولم يُنْهَ، فغيرُ كائنٍ مُطِيعًا أو عاصيًا، فيما لم يُؤمَرُ به ولم يُنْهَ عنه. ﴿إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن اللَّهَ ذو علمٍ بما خالَطَ أنفسَكم عندَ نَهْيِ اللَّهِ إِياكم عن الاستغفارِ لمَوْتاكم المشركين، من الجَزَعِ على ما سَلَفَ منكم مِن الاسْتغفارِ لهم قبلَ تَقَدُّمه إليكم بالنهيِ عنه، وبغيرِ ذلك مِن سَرائرِ أمورِكم وأمورِ عبادِه وظَواهرِها، فبَيَّنَ لكم حِلْمَهُ (١) في ذلك عليكم؛ ليَضَعَ عنكم ثِقَلَ الوَجْدِ بذلك.

وبنحو ما قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ﴾. قال: بيانُ اللَّهِ للمؤمنين في الاستغفار للمشركين خاصةً، وفي بيانِه طاعتَه ومعصيتَه عامةً (٢)، [فافْعَلوا أو ذَرُوا] (٣).

حدَّثني المُثَنى، قال: ثنا أبو حُذَيفةَ، قال: ثنا شِبْلٌ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن


(١) في ت ١، ت ٢، ف: "حكمه".
(٢) سقط من: م.
(٣) ليست هذه الجملة في تفسير مجاهد - كما سيأتي تخريجه من حديث ورقاء - وفي تفسير ابن أبي حاتم - ورواه من طريق مجاهد - والدر المنثور: "ما فعلوا أو تركوا". وينظر تفسير البغوي ٤/ ١٠٣، وتفسير ابن كثير ٤/ ١٦٤.