للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نجيحٍ، عن مجاهد: ﴿يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ﴾: أَعْرَضُوا عنه (١).

حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.

القول في تأويل قوله جلَّ ثناؤه: ﴿فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٥٣)﴾.

وهذا خبرٌ من الله جلَّ ثناؤه عن هؤلاء المشركين الذين وَصَفَ صِفَتَهم أنهم يقولون عند حلولِ سَخَطِ الله بهم، ووُرُودِهم أليم عذابه، ومُعاينَتِهم تأويل ما كانت رسلُ اللهِ تَعِدُهم: هل لنا من أصدقاء وأولياء اليوم، فيَشْفَعوا لنا عند ربنا، فتُنَجِّينا شفاعتهم عنده مما قد حَلَّ بنا من [غضب اللَّهِ وسَخطه، وتُرَضِّيَه عنا، أو إن لم تُرَضِّه عنا، لما قد سلَف منا من] (٢) سوء فعالنا في الدنيا، فهل (٣) نُرَدُّ إلى الدنيا مرةً أخرى، فنَعْملَ فيها بما يُرْضِيه ويُعْتِبُه مِن أنفسنا؟ قال هذا القول المساكين هنالك؛ لأنَّهم كانوا عَهِدوا في الدنيا أنفسهم لها شفعاءُ تشفع لهم في حاجاتهم، فتَذَكَّروا (٤) ذلك في وقت لا خُلَّةَ فيه لهم ولا شفاعة.

يقولُ الله جلّ ثناؤه: ﴿قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾. يقولُ: غَبَنَوا أنفسهم حُظُوظها، ببيعهم ما لا خطر له من نعيم الآخرةِ الدائم، بالخسيس مِن عَرَضِ الدنيا الزائلِ، ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾. يقولُ: وأَسْلَمَهم لعذابِ اللَّهِ


(١) تفسير مجاهد ص ٣٣٨، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤٩٥ (٨٥٦٤).
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٣) في م، ت ١: "أو".
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "فيذكروا".