للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينتفعِون به (١).

وقال آخرون: بل عُنى بها المنافقون. قالوا: ومعناه ما حدَّثنا به ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابنِ إسحاقَ: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ﴾. أى (٢): لأَنْفَذ لهم قولَهم الذى قالوا بألسنتِهم، ولكنَّ القلوبَ خالفت ذلك منهم، ولو خرَجوا معكم لتولَّوا وهم معرضون، [ما وفَوا] (٣) لكم بشيءٍ (٤) مما خرَجوا عليه (٥).

وأولى القولين (٦) في تأويلِ ذلك بالصوابِ عندى ما قال ابنُ جُريجٍ وابنُ زيدٍ؛ لما قد ذكَرنا قبلُ من العلةِ، وأن ذلك ليس من صفةِ المنافقين.

فتأويلُ الآيةِ إذن: ولو علِم اللهُ فى هؤلاء القائلين [خيرًا لأَسْمَعهم] (٧) مواعظَ القرآن وعبرَه، حتى يعقِلوا عن اللهِ ﷿ حُججَه منه، ولكنه قد علِم أنه لا خيرَ فيهم، وأنهم ممن كتب لهم الشقاءَ فهم لا يؤمنون، ولو أَفْهَمهم ذلك حتى يعلَموا ويفهَموا لتولَّوا عن اللهِ وعن رسولِه وهم معرضون عن الإيمانِ بما دلَّهم على حقيقتِه (٨) مواعظُ الله وعبرُه وحُجَجُه، معاندون للحقِّ بعدَ العلمِ به.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٧٩ من طريق أصبغ عن ابن زيد، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٧٦ إلى أبي الشيخ.
(٢) سقط من: م، وفى ص، ت ١، ت ٢، ف: "أن".
(٣) فى النسخ: "فأوفوا". والمثبت من سيرة ابن هشام.
(٤) في النسخ: "بشر". والمثبت من سيرة ابن هشام.
(٥) سيرة ابن هشام ١/ ٦٦٩.
(٦) في م: "القول".
(٧) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "سمعنا".
(٨) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "حجته".