للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولهِ تعالى: ﴿قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿كَلَّا﴾. أي: لن يقتُلَك قوم فرعونَ، ﴿فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا﴾. يقولُ: فاذهب أنت وأخوك ﴿بِآيَاتِنَا﴾. يعنى: بأعلامنا وحججِنا التي أعطيناك عليهم.

وقوله: ﴿إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ﴾: من قومِ فرعونَ ما يقولون لكم، ويجيبونكم به.

وقوله: ﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا﴾ الآية. يقولُ: فأت أنت يا موسى وأخوك هارونُ فرعونَ، ﴿فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. يقولُ: فقولا له: ﴿إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ إليك.

بـ ﴿أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾. وقال: ﴿رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. وهو يخاطبُ اثنين بقوله: ﴿فَقُولَا﴾؛ لأنه أُريِد به المصدرُ من: أَرْسَلتُ. يقالُ: أَرْسَلتُ رسالةً ورسولًا. كما قال الشاعرُ (١):

لقد كذَب الواشون ما بُحْتُ عندَهم … بسوءٍ ولا أَرْسَلْتُهم برسولِ

يعني: برسالةٍ. وقال الآخرُ (٢):

أَلَا مَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي خُفافًا … رسولًا بيتُ أهْلِكَ مُنْتَهاها

يعني بقوله: رسولًا: رسالةً. فأنَّث لذلك الهاءَ.

القولُ في تأويلِ قولهِ تعالى: ﴿قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ


(١) هو كثير عزة، والبيت في ديوانه ص ١١٠، وفيه: برسيل. بدلا من: برسول. وهما بمعنى.
(٢) هو عباس بن مرداس، والبيت في حماسة ابن الشجرى ١/ ١٣٣، واللسان (ر س ل)، والخزانة ٤/ ٣٦٧، وفى الحماسة والخزانة: ألوكا. بدلًا من: رسولًا.