للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: عنَى بذلك الصلاةَ. واختلَف قائلو هذه المقالةِ في المعنَى الذي عنَى بالنهيِ عن الجهرِ به منها؛ فقال بعضُهم: الذي نهَى عن الجهرِ به منها القراءةُ.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا هشيمٌ، قال: أخبَرنا أبو بشرٍ، عن سعيدِ بن جبيرٍ. عن ابن عباسٍ، قال: نزَلت هذه الآيةُ ورسولُ اللهِ ﷺ متوارٍ: ﴿لَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾. قال: كان إذا صلَّى بأصحابِه رفَع صوتَه بالقرآنِ، فإذا سمِع ذلك المشركون سبُّوا القرآنَ ومَن أنزَله، ومَن جاء به. قال: فقال اللهُ لنبيِّه ﷺ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾ فيسمَع المشركونَ، ﴿وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [عن أصحابِك] (١)، فلا تُسْمِعَهم القرآنَ حتى يأخُذُوا عنك (٢).

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ، قال: ثنا بشرُ بنُ عُمارةَ، عن أبي رَوْقٍ، عن الضَّحَّاكِ، عن ابن عباسٍ في قولِه: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾. قال: كان رسولُ اللهِ ﷺ إذا جهَر بالصلاةِ بالمسلمين بالقرآنِ، شقَّ ذلك على المشركين إذا سمِعوه، فيُؤْذُون رسولَ اللهِ ﷺ بالشتْمِ والعَيبِ به، وذلك بمكةَ، فأنزَل اللهُ: يا محمدُ: ﴿لَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾. يقولُ: لا تُعلِنْ بالقراءةِ بالقرآنِ إعلانًا شديدًا يَسمعُه المشرِكون فيُؤْذُونك، ولا تُخافِتْ بالقراءةِ بالقرآنِ. يقولُ: لا تخْفِضْ صوتَك حتى لا تُسْمِعَ أُذنيْك، ﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾. يقولُ: اطلُبْ بينَ الإعلانِ والجهرِ، وبينَ التخافُتِ والخفضِ طريقًا، لا


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف.
(٢) أخرجه أحمد ١/ ٩٥ (١٥٥) ٣/ ٣٥٢ (١٨٥٣)، والبخارى (٤٧٢٢، ٧٤٩٠، ٧٥٢٥، ٧٥٤٧)، ومسلم (٤٤٦)، والترمذى (٣١٤٦)، والنسائي (١٠١٠)، والبغوى في تفسيره ٥/ ١٣٧، من طرق عن هشيم به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٠٦ إلى سعيد بن منصور وابن أبي حاتم وابن مردويه.