للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولِه: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾. قال: في الميراثِ، كانوا لا يورِّثون النساءَ.

قال أبو جعفرٍ: وأوْلى القولين فى ذلك بتأويلِ الآيةِ قولُ مَن قال معناه: للرجالِ نصيبٌ مِن ثوابِ اللهِ وعقابِه مما اكتَسَبوا، فعَمِلوه مِن خيرٍ أو شرٍّ، وللنساءِ نصيبٌ مما اكتسَبن من ذلك كما للرجالِ.

وإنما قلنا: إن ذلك أولى بتأويلِ الآيةِ مِن قولِ مَن قال: تأويلُه: للرجالِ نصيبٌ مِن الميراثِ وللنساءِ نصيبٌ منه؛ لأن اللهَ جلَّ ثناؤُه أخبرَ أن لكلِّ فريقٍ مِن الرجالِ والنساءِ نصيبًا مما اكْتَسَب، وليس الميراثُ مما اكْتَسَبَه الوارثُ، وإنما هو مالٌ أورثه اللهُ عن مَيِّتِه بغيرِ اكتسابٍ. وإنما الكَسْبُ العملُ، والمكتسِبُ المُحْتَرِفُ، فغيرُ جائزٍ أن يَكُونَ معنى الآيةِ، وقد قال اللهُ: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾: للرجالِ نصيبٌ مما ورِثوا وللنساءِ نصيبٌ مما وَرِثْنَ. لأن ذلك لو كان كذلك لَقِيلَ: للرجالِ نصيبٌ مما لم يَكْتسبوا، وللنساءِ نصيبٌ مما لم يَكْتَسِبن.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾.

يعنى بذلك جلَّ ثناؤه: واسْأَلوا الله من عونِه وتوفيقِه للعملِ بما يُرْضِيه عنكم من طاعتِه. ففَضْلُه في هذا الموضِع: توفيقُه ومعونتُه.

كما حدَّثنا محمدُ بنُ مسلمٍ الرازيُّ، قال: ثنا أبو جعفرٍ النُّفَيْليُّ، قال: ثنا يحيى بنُ يمانٍ، عن أشعثَ، عن سعيدٍ: ﴿وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾. قال: العبادةُ ليست مِن أمرِ الدنيا (١).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٣/ ٩٣٦ (٥٢٣١) من طريق أبي جعفر النفيلي به.