للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ﴾ إلى آخرِ الآيةِ، قال: قال لهم النبيُّ : "إنِّي قد رأيتُ أنَّكم ستدخُلون المسجدَ الحرامَ محلِّقين رءوسَكم ومقصِّرين". فلمّا نزَل بالحُديبيةِ ولم يَدْخُلْ ذلك العام، طعَن المنافقون في ذلك فقالوا: أين رُؤياه؟ فقال اللهُ: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ﴾. فقرَأ حتى بلَغ: ﴿وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ﴾: إِنِّي لم أُرِهْ أنه يدخُلُها هذا العامَ، وليكوننَّ ذلك (١).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ﴾ إلى قولِه: ﴿إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾: الرؤيا رسولِ اللهِ التي أُرِيها أنه سيدخلُ مكةَ آمِنًا لا يخافُ، يقولُ: مُحلِّقين ومقصِّرين لا تَخافون (٢).

وقولُه: ﴿فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فعَلِم اللهُ جلَّ ثناؤُه ما لم تَعْلَموا. وذلك عِلْمُه تعالى ذكرُه بما بمكةَ من الرجالِ والنساءِ المؤمنين الذين لم يَعْلَمُهم المؤمنون، ولو دخَلوها في ذلك العامِ لوَطِئوهم بالخيلِ والرَّحِل، فأصابتهم منهم مَعَرَّةٌ بغيرِ علمٍ، فردَّهم الله عن مكةَ من أجلِ ذلك.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا﴾. قال: ردَّه لمكانِ مَن بينَ أَظْهُرِهم من المؤمنين والمؤمناتِ، وأخَّرَه ليُدخلَ اللهُ في رحمتِه مَن يَشَاءُ؛ مَن يريدُ أَن يَهْدِيَه (١).


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٨١ إلى المصنف.
(٢) سيرة ابن هشام ٢/ ٣٢٢.