للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبالفتحِ لا غيرُ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾.

يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ﴾: وعلى آباءِ إلصِّبْيانِ للمَراضِعِ ﴿رِزْقُهُنَّ﴾. يعني: رزقُ والدتِهن. ويعني بالرزقِ ما يَقُوتُهن مِن طعامٍ، وما لا بدَّ لهن مِن غِذاءٍ ومَطْعَمٍ. ﴿وَكِسْوَتُهُنَّ﴾. ويعني بالكِسوةِ المَلْبَسَ.

ويعني بقولِه: ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾: بما يَجِبُ لمثلِها علي مثلِه، إذ كان اللَّهُ تعالى ذكرُه قد علِم تَفاوُتَ أحوالِ خلقِه بالغنى والفقرِ، وأن منهم المُوسِعَ والمُقْتِرَ وبينَ ذلك، فأمَر كلًّا أن يُنْفِقَ على مَن لَزِمَتْه نفقتُه مِن زوجتِه وولدِه على قدْرِ مَيْسَرتِه، كما قال تعالى ذكرُه: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: ٧].

وكما حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا سُوَيْدٌ، قال: أخْبَرَنا ابنُ المُبارَكِ، عن جُوَيْبِر، عن الضَّحَّاكِ في قولِه: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾. قال: إذا طلَّق الرجلُ امرأتَه وهي تُرْضِعُ له ولدًا، فتَراضَيا على أن تُرْضِعَ حولَيْن كامَليْن، فعلى الوالدِ رزقُ المُرْضِعِ (١) والكِسْوةُ بالمعروفِ، على قدرِ المَيْسَرةِ، لا يُكَلِّفُ (٢) نفسًا إلا وُسعَها (٣).


(١) في ص: "الموضوع".
(٢) في م: "نكلف".
(٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ٤١٨ بنحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٨٨ إلى المصنف مقتصرًا على قوله: على قدر الميسرة.