للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدٌ إلا من حيثُ يَعْلَمُ، لوجَب أن يكون هؤلاء القومُ في عملهم الذي أخبَر اللَّهُ عنهم أنهم كانوا يَحْسَبون فيه أنهم يحسنون صُنعَه، كانوا مثابين مأجورين عليه (١)، ولكنَّ القول بخلاف ما قالوا، فأخبر جلَّ ثناؤُه عنهم أنهم باللَّهِ كَفَرةٌ، وأن أعمالهم حابِطةٌ.

وعنى بقوله: ﴿أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾: عملا. والصُّنعُ والصَّنعةُ والصَّنيعُ واحدٌ، يُقالُ: فرس صنيع. بمعنى مصنوع.

القول في تأويل قوله جل ثناؤُه: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (١٠٥)﴾.

يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين وصَفنا صفتَهم، الأخسرون أعمالًا، الذين كفروا بحجج ربِّهم وأدلتِه، وأنكروا لقاءه، ﴿فَحِبَطَتْ أَعْمَلُهُمْ﴾. يَقُولُ: فَبَطَلَتْ أعمالهم، فلم يكن لها ثواب يَنْفَعُ أصحابها في الآخرةِ، بل لهم منها عذابٌ وخزىٌ طويلٌ، ﴿فَلَا نُقِيمُ هُمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَزْنًا﴾. يقول تعالى ذكره: فلا نجعَلُ لهم ثقلًا. وإنما عنَى بذلك: أنه (٢) لا تَنْقُلُ بهم موازينهم؛ لأن الموازين إنما تَنْقُلُ بالأعمال الصالحة، وليس لهؤلاء شيءٌ من الأعمال الصالحة فتثقُلَ به موازينهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمنِ، قال: ثنا سفيان، عن


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "عليها".
(٢) في م: "أنهم".