للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"أنتم" قبل "ها"؛ لأن "ها" جوابٌ، فلا تُقرِّبُ بـ "ها" بعدَ الكلمةِ.

وقال بعضُ نحويِّى البصرةِ: جعَل التنبيةَ في موضعين للتوكيدِ.

وقولُه: ﴿وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ومَن يَبْخَلُ بالنفقةِ في سبيلِ اللَّهِ، فإنما يَبْخَلُ عن بُخلِ نفسِه؛ لأن نفسَه لو كانت جوادًا لم تَبْخَلْ بالنفقةِ في سبيلِ اللَّهِ، ولكن كانت تجودُ بها، ﴿وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ولا حاجةَ للَّهِ أيُّها الناسُ إلى أموالِكم ولا نفقاتِكم، لأنه الغنيُّ عن خلقِه، والخلقُ الفقراءُ إليه، وأنتم من خلقِه، فأنتم الفقراءُ إليه؛ وإنما حضَّكم على النفقةِ في سبيلِه ليُكْسِبَكم بذلك الجزيلَ من ثوابِه.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾. قال: ليس باللَّهِ تعالى ذكرُه إليكم حاجةٌ، وأنتم أحوجُ إليه.

وقولُه تعالى ذكرُه: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وإن تَتَوَلَّوْا أيُّها الناسُ عن هذا الدين الذي جاءَكم به محمدٌ فتَرْتَدُّوا راجعين عنه ﴿يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾. يقولُ: يُهْلِكْكم ثم يَجِئْ بقومٍ آخرين غيرِكم بدلًا منكم، يُصَدِّقون به ويَعْمَلون بشرائعِه، ﴿ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾. يقولُ: ثم لا يَبْخَلوا بما أُمِروا به من النفقةِ في سبيلِ اللَّهِ، ولا يُضَيِّعوا شيئًا مِن حدودِ دينِهم، ولكنهم يقومون بذلك كلِّه على ما يُؤْمَرون به.