للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣)

يَعنى بذلك جلّ ثناؤه: ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ يا محمدُ ﴿إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ﴾. يقولُ: الذين أُعْطُوا حظًّا من الكتابِ، ﴿يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ﴾.

واخْتَلف أهلُ التأويلِ في الكتابِ الذي عنَى اللهُ بقولِه: ﴿يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ﴾؛ فقال بعضُهم: هو التوراةُ، دعاهم إلى الرِّضا بما فيها، إذ كانت الفِرَقُ المُنْتَحِلةُ الكتبَ تُقِرُّ بها وبما فيها، أنها كانت أحكامَ اللهِ قبلَ أن يُنْسَخَ منها ما نُسِخ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قال: ثنا يونسُ، قال: ثنا محمدُ بنُ إسحاقَ، قال: ثنِي محمدُ بنُ أبي محمدٍ مولى زيدِ بن ثابتٍ، قال: ثني سعيدُ بنُ جُبَيرٍ وعكرمةُ، عن ابن عباسٍ، قال: دخَل رسولُ الله بيتَ المِدْرَاسِ على جماعةٍ مِن يهودَ، فدَعاهم إلى اللهِ، فقال له (١) نُعَيمُ (٢) بنُ عمرٍو والحارثُ بنُ زيدٍ: على أيِّ دِينٍ أنت يا محمدُ؟ فقال: "على مِلَّةِ إبراهيمَ ودينِه". فقالا: فإن إبراهيمَ كان يهوديًا. فقال لهما رسولُ اللهِ : "فَهَلُمُّوا إلى التوارةِ، فَهى بينَنا وبينَكم". فأبَيا (٣) عليه، فأنزَل اللهُ ﷿: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾. إلى قولِه: ﴿مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ (٤).


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لهم". وكتب فوقها في ص: "ط". علامة أنها خطأ.
(٢) وكذا ورد اسمه في أسباب النزول، وتفسير البغوي، وفى تفسير ابن أبي حاتم (٢/ ٦٢٢) (٣٣٤٠)، وسيرة ابن هشام، والدر المنثور: "نعمان".
(٣) في م: "فأبوا".
(٤) سيرة ابن هشام (١/ ٥٥٢)، وذكره الزيلعي في تخريج الكشاف (١/ ١٧٩، ١٨٠) عن المصنف، وينظر أسباب النزول للواحدي ص ٧٠، وتفسير البغوي (٢١/ ٢، ٢٢)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٢/ ١٤) إلى ابن المنذر.