للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. والخِزْىُ الذُّلُّ والصَّغارُ. يقالُ منه: قد خَزِى الرجلُ يَخْزَى خِزْيًا ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾، يعنى: في عاجلِ الدنيا قبلَ الآخِرةِ.

ثم اخْتُلِف في الخِزْىِ الذى جزاهم (١) اللهُ بما سلَف منهم (٢) مِن معصيتِهم إياه؛ فقال بعضُهم: ذلك هو حُكْمُ اللهِ الذى أنْزَلَه إلى نبيِّه محمدٍ مِن أخْذِ القاتلِ بِمَن قتَل والقَوَدِ به قِصاصًا، والانتقامِ للمظلومِ مِن الظالِم.

وقال آخرون: بل ذلك هو أخْذُ الجزيةِ منهم ما أقاموا على دينِهم ذِلَّةً لهم وصَغارًا.

وقال آخرون: بل ذلك الخِزْىُ الذى جُوزُوا به في الدنيا إخراجُ رسولِ اللهِ النَّضِيرَ عن دِيارهم لأولِ الحَشْرِ، وقَتْلُ مُقاتِلةِ قُرَيْظَةَ وسَبْيُ ذَراريِّهم، فكان ذلك لهم خِزْيًا في الدنيا، ولهم في الآخرةِ عذابٌ عظيمٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ﴾.

يعنى جل ثناؤُه بقولِه: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ﴾: ويومَ تَقومُ (٣) الساعةُ، يُرَدُّ مَن يَفْعَلُ ذلك منكم بعدَ الخَزْىِ الذى يَحِلُّ به في الدنيا جَزاءً على معصيتِه اللهَ، إلى أشدِّ العذابِ الذى أعَدَّه اللهُ لأعْدائِه.

وقد قال بعضُهم: معنى ذلك: ثم يومَ القيامةِ يُرَدُّونَ إلى أشدِّ مِن عذابِ الدنيا.

ولا معنى لقولِ قائلِ ذلك؛ لأن اللهَ جل ثناؤُه إنما أخْبَر أنهم يُرَدُّون إلى أشدِّ معانى العذابِ، ولذلك أدْخَل فيه الألفَ واللامَ؛ لأنه عَنَى به جنسَ العذابِ كلِّه دونَ نوعٍ منه.


(١) فى م: "أخزاهم".
(٢) سقط من: م.
(٣) سقط من: الأصل.