للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيجوزَ (١) توجيهُ قولِه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾. إلى أنه مَعْنىٌّ به مسجدُ بيتِ المقدسِ- فقد أخطَأ فيما ظَنَّ مِن ذلك. وذلك أن اللهَ تعالى ذِكْرُه إنما ظلَّمَ (٢) مَن منَع مَن كان فرضَه الصلاةُ في مسجدِ بيتِ المقدسِ مِن مؤمنى بنى إسرائيلَ، وإياهم قصَد بالخبرِ عنهم بالظلمِ، والسَّعْىِ في خرابِ المسجدِ، وإن كان قد دلَّ بعمومِ قولِه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ أن كلَّ مانعٍ مصليًا في مسجدٍ للهِ، فرضًا كانت صلاتُه فيه أو تطوعًا، وكلَّ ساعٍ فى خرابِه (٣)، فهو مِن المُعْتدين الظالمين.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ﴾.

وهذا خبرٌ مِن اللهِ جلَّ ثناؤُه عمَّن مَنَع مساجدَ اللهِ أن يُذْكَرَ فيها اسمُه، أنه قد حَرَّم عليهم دخولَ المساجدِ التى سَعَوا في تخريبِها، ومَنَعوا عبادَ اللهِ المؤمنين مِن ذكرِ اللهِ ﷿ فيها ما داموا على مُناصَبةِ الحربِ، إلا على خوفٍ ووَجَلٍ مِن العقوبةِ على دُخولِهموها.

كالذى حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زُريعٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ﴾: وهم اليومَ كذلك، لا يُوجَدُ نَصرانىٌّ في بيتِ المقدسِ إلا نُهِك ضربًا، وأُبْلِغ إليه في العقوبةِ.

وحدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخْبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخْبَرنا مَعْمرٌ، عن قتادةَ: قال اللهُ ﷿: ﴿مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ﴾. وهم


(١) في م: "فيلجئون".
(٢) في م: "ذكر ظلم".
(٣) في م: "إخرابه".