للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومِن الشاهدِ على الجزمِ في ذلك قولُ الشاعرِ (١):

لو كُنتَ إذ جئْتَنا حاولتَ رُؤْيتَنا … أو جِئْتَنا ماشِيًا لا يُعْرَفِ الفرسُ

وقولُ الآخرِ (٢):

لَطالَما حَلَّأْتُماها (٣) لا تَرِدْ

فَخَلِّيْاها والسِّجالَ تَبْتَرِدْ

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٢٠٢) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (٢٠٣) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (٢٠٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فيأتي هؤلاء المُكذِّبين بهذا القرآنِ العذابُ الأليمُ ﴿بَغْتَةً﴾. يعنى فجأةً، ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾. يقولُ: لا يعلَمون قبلَ ذلك بمَجيئِه حتى يَفْجَأَهم بَغْتَةً،

﴿فَيَقُولُوا﴾ حينَ يأتِيهم بَغْتَةً: ﴿هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ﴾. أي: هل نحن مُؤَخَّرٌ عَنَّا العذابُ، ومُنْسَأٌ في آجالِنا لنتوبَ ونُنِيبَ إِلى اللهِ مِن شِرْكِنا وكفرِنا باللهِ، فنُراجِعَ الإيمانَ به ونُنِيبَ إلى طاعتِه؟

وقولُه: ﴿أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: أفبعذابِنا هؤلاء المشركون يَسْتعجِلون، بقولِهم: لن نؤمنَ لك حتى تُسْقِطَ السماءَ كما زعمت علينا كِسَفًا.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ثم جاءَهم العذابُ الذي كانوا يُوعَدون على كفرِهم


(١) البيت في معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٨٤.
(٢) البيتان في اللسان (ب ر د، ح ل أ).
(٣) حلّأ الإبل والماشية عن الماء تحليئا وتحلئة: طردها أو حبسها عن الورود ومنعها أن ترده. اللسان (ح ل أ).