للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهِ وَأَسْمِعْ﴾. قال: يرى أعمالهم، ويسمعُ ذلك منهم، سميعًا بصيرًا (١).

وقوله: ﴿مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ﴾. يقولُ جلّ ثناؤه: ما لخلقه دونَ ربَّهم الذي خلقهم وليٌّ يلى أمرهم وتدبيرهم، وصرفهم فيما هم فيه مصرَّفون، ﴿وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾. يقولُ: ولا يَجْعَلُ اللَّهُ في قضائه وحكمه في خلقه أحدًا سواه، شريكًا، بل هو المنفرد (٢) بالحكم والقضاء فىهم، وبتدبيرهم وتصريفهم فىما شاء وأحبَّ.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (٢٧)﴾.

يقول تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ: واتَّبع يا محمدُ ما أُنزل إليك من كتاب ربِّك هذا، ولا تترُكَنَّ تلاوته واتِّباع ما فيه من أمر الله ونهيه، والعمل بحلاله وحرامه، فتكونَ من الهالكين، وذلك أنَّ مصير مَن خالفه، وترك اتَّباعَه يومَ القيامة إلى جهنم، ﴿لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾. يقولُ: لا مغيِّر لما أوعد بكلماته التي أنزَلها عليك، أهلَ معاصيه، والعاملين بخلاف هذا الكتاب الذي أوحيناه إليك.

وقوله: ﴿وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾. يقولُ: وإن أنت يا محمدُ لم تَتْلُ ما أُوحى إليك من كتاب ربِّك فتتبعه وتأتمَّ به، فنالك وعيدُ (٣) الله الذي أوعد فيه المخالفين حُدوده، لن تجد من دونِ اللهِ موئلًا تَئِلُ إليه، ومَعدِلًا تعدلُ عنه إليه؛ لأنَّ قدرة الله محيطةٌ بك وبجميع خلقه، لا يقدِرُ أحدٌ منهم على الهرب من أمرٍ أراده


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ١٤٧.
(٢) في ت ٢: "المتفرد".
(٣) في ص، ت ١، ف: "وعد".