استَهْزَءوا به، ونزَل بهم ما سَخِروا به فاستَعْجَلوا به من العذاب. وهذا وعيدٌ مِن اللهِ جلَّ ثناؤُه لقريشٍ، يقولُ لهم: فاحْذَروا أن يحِلَّ بكم من العذابِ على كفرِكم باللهِ وتَكْذيبكم رُسُلَه - ما حَلَّ بعادٍ، وبادروا بالتوبة قبلَ النِّقْمَةِ.
يقولُ تعالى ذكرُه لكفارِ قريشٍ، مُحذِّرَهم بأسَه وسَطْوتَه أن يَحِلَّ بهم على كفرِهم: ولقد أهْلَكْنا أيُّها القومُ مِن القُرَى ما حولَ قريتِكم، كحِجْرِ ثمودَ، وأرضِ سَدُومَ، ومأرِبَ، ونحوِها، فأنذَرْنا أهلَها بالمَثُلاتِ، وخَرَّبنا ديارَها، فجعَلناها خاويةً على عروشِها.
وقولُه: ﴿وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ﴾. يقولُ: ووَعَظْناهم بأنواعِ العِظاتِ، وذكَّرْناهم بضُرُوبٍ مِن الذِّكْرِ والحَجَجِ، وبَيَّنَّا لهم ذلك.
كما حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ﴾. قال: بَيَّناها.
﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾. يقولُ: ليرجعِوا عما كانوا عليه مُقِيمين، مِن الكفرِ باللهِ وآياتِه. وفى الكلامِ متروكٌ، تُرِك ذكرُه استغناءً بدلالةِ الكلامِ عليه، وهو: فأبَوا إلا الإقامةَ على كفرِهم، والتمادىَ في غَيِّهم، فأهلَكْناهم، فلن ينصرَهم مِنَّا ناصرٌ.
يقولُ جلَّ ثناؤُه: فلولا نصَر هؤلاء الذين أهلكناهم من الأممِ الخاليةِ قبلَهم أوثانُهم وآلهتُهم التي اتَّخَذوا عبادتَها قُرْبانًا يتقرَّبون بها، فيما زعَموا، إلى ربِّهم - مِنَّا، إذ جاءهم بأسُنا، فتُنْقِذَهم من عذابِنا إن كانت تشفعُ لهم عندَ ربِّهم كما