للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استَهْزَءوا به، ونزَل بهم ما سَخِروا به فاستَعْجَلوا به من العذاب. وهذا وعيدٌ مِن اللهِ جلَّ ثناؤُه لقريشٍ، يقولُ لهم: فاحْذَروا أن يحِلَّ بكم من العذابِ على كفرِكم باللهِ وتَكْذيبكم رُسُلَه - ما حَلَّ بعادٍ، وبادروا بالتوبة قبلَ النِّقْمَةِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٧) فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لكفارِ قريشٍ، مُحذِّرَهم بأسَه وسَطْوتَه أن يَحِلَّ بهم على كفرِهم: ولقد أهْلَكْنا أيُّها القومُ مِن القُرَى ما حولَ قريتِكم، كحِجْرِ ثمودَ، وأرضِ سَدُومَ، ومأرِبَ، ونحوِها، فأنذَرْنا أهلَها بالمَثُلاتِ، وخَرَّبنا ديارَها، فجعَلناها خاويةً على عروشِها.

وقولُه: ﴿وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ﴾. يقولُ: ووَعَظْناهم بأنواعِ العِظاتِ، وذكَّرْناهم بضُرُوبٍ مِن الذِّكْرِ والحَجَجِ، وبَيَّنَّا لهم ذلك.

كما حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ﴾. قال: بَيَّناها.

﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾. يقولُ: ليرجعِوا عما كانوا عليه مُقِيمين، مِن الكفرِ باللهِ وآياتِه. وفى الكلامِ متروكٌ، تُرِك ذكرُه استغناءً بدلالةِ الكلامِ عليه، وهو: فأبَوا إلا الإقامةَ على كفرِهم، والتمادىَ في غَيِّهم، فأهلَكْناهم، فلن ينصرَهم مِنَّا ناصرٌ.

يقولُ جلَّ ثناؤُه: فلولا نصَر هؤلاء الذين أهلكناهم من الأممِ الخاليةِ قبلَهم أوثانُهم وآلهتُهم التي اتَّخَذوا عبادتَها قُرْبانًا يتقرَّبون بها، فيما زعَموا، إلى ربِّهم - مِنَّا، إذ جاءهم بأسُنا، فتُنْقِذَهم من عذابِنا إن كانت تشفعُ لهم عندَ ربِّهم كما