للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤) بَلَى﴾ يقولُ تعالى ذكرُه: إن هذا الذي أُوتى كتابَه وراءَ ظهره يوم القيامة، ظنَّ في الدنيا أن لن يرجعَ إلينا، ولن يُبعث بعدَ مماتِه، فلم يكنْ يبالِي ما ركِب من المآثمِ؛ لأنَّه لم يكن يرجو ثوابًا، ولم يكنْ يخشى عقابًا. يقالُ منه: حار فلانٌ عن هذا الأمرِ. إذا رجع عنه، ومنه الخبر الذي رُوِى عن رسول الله أنه كان يقولُ في دعائِه: "اللهم إني أعوذُ بك من الحَوْرِ بعدَ الكَوْرِ" (١). يعنى بذلك: من الرجوع إلى الكفر بعد الإيمان.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ﴾. يقولُ: يُبعثَ (٢).

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤) بَلَى﴾. قال: ألا يرجعَ إلينا (٣).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ﴾: ألا مَعادَ له ولا رجعةَ.


(١) أخرجه معمر في جامعه (٢٠٩٢٧)، وعبد الرزاق (٩٢٣١)، وأحمد ٥/ ٨٣ (الميمنية)، ومسلم (١٣٤٣/ ٤٢٦)، والترمذى (٣٤٣٩)، والنسائى ٨/ ٢٧٢، وفي الكبرى (٧٩٣٥ - ٧٩٣٧، ٨٨٠١) من حديث عبد الله بن سرجس.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم - كما في الإتقان ٢/ ٥٤ - من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٣٠ إلى ابن المنذر.
(٣) تفسير مجاهد ص ٧١٤، ومن طريقه الفريابي - كما في التغليق ٤/ ٣٦٤ - وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٣٠ إلى عبد بن حميد.