للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾. يقولُ: وصفتُهم في إنجيلِ عيسى صفةُ زرعٍ أخرَج شَطْأَه. وهو فِراخُه، يقالُ منه: قد أَشْطَأ الزرعُ. إذا أفرَخ، فهو يُشْطِيُّ إِشْطَاءً. وإنما مَثْلَهم بالزرع المُشْطِيُّ؛ لأنهم ابتَدَءوا في الدخولِ في الإسلامِ وهم عددٌ قليلون، ثم جعَلوا يتزايدون، ويدخلُ فيه الجماعةُ بعدَهم، ثم الجماعةُ بعدَ الجماعةِ، حتى كَثُرَ عددُهم، كما يحدثُ في أصلِ الزرعِ الفرخُ منه، ثم الفرخُ بعدَه، حتى يَكْثُرَ ويَنْمِيَ.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولِه: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾: أصحابُه، ﴿مَثَلُهُمْ﴾. يعني: نعتُهم مكتوبٌ (١) في التوراةِ والإنجيلِ قبلَ أن يَخلُقَ السماواتِ والأرضَ (٢).

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا يحيى بنُ واضحٍ، قال: ثنا عبيدٌ، عن الضحاكِ: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ﴾ إلى قولِه: ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ﴾. ثم قال: ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ الآية.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ﴾. أي: هذا المثلُ في التوراة، ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾: فهذا مثلُ أصحابِ رسولِ اللهِ في الإنجيل (٣).


(١) في م: "مكتوبا".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٨٣ إلى المصنف وابن مردويه وابن المنذر.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٨٣ إلى المصنف وعبد بن حميد.