يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه، مُعَرَّفَه الحُجَّةَ على هؤلاء المشركين، الذين قالوا له: ﴿ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ﴾. قل لهم يا محمدُ: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ﴾. أى: ما تلَوتُ هذا القرآنَ عليكم، أيُّها الناسُ، بأن كان لا يُنزِلُه عليَّ، فيَأْمُرَنى بتِلاوتِه عليكم، ﴿وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ﴾. يقولُ: ولا أَعلَمَكم به. ﴿فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ﴾. يقولُ: فقد مَكَثتُ فيكم أربعين سنةً من قبل أن أتلُوَه عليكم، ومن قبل أن يُوحِيَه إلىَّ ربِّي. ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ أنى لو كنتُ مُنتَحِلًا ما ليس لى مِن القول، كنتُ قد انتَحَلتُه في أيام شَبابى وحَدَاثتى، وقبلَ الوقتِ الذى تَلَوتُه عليكم؟ فقد كان لي اليومَ، لو لم يُوحَ إلىَّ وأومَرْ بتلاوتِه عليكم، مَنْدوحةٌ عن مُعاداتِكم، ومُتَّسَعٌ في الحالِ التي كنتُ بها (١) منكم، قبل أن يُوحَى إلىَّ وأُومَرَ بتلاوتِه عليكم. وبنحوِ الذى قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاويةُ، عن علىٍّ، عن ابن عباسٍ،