للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وضلالِهم عنها: إخطاءَهم دينَ اللهِ الذى ارتضاه لعبادِه، وابتعَث به رسولَه (١). يقولُ: مَن جحَد رسالةَ محمدٍ وصَدَّ عما بُعِث به من الملةِ مَن قَبِل منه، فقد ضلَّ، فذهَب عن الدينِ الذى هو دينُ اللهِ الذى ابتعث به أنبياءَه، ضلالاً بعيدًا.

القولُ فى تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (١٦٩)﴾.

قال أبو جعفرٍ محمدُ بنُ جريرٍ : يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: إن الذين جحَدوا رسالةَ محمدٍ [فكذَّبُوه، وكفَروا] (٢) باللهِ بجحودِ ذلك، ﴿وَظَلَمُوا﴾ بمُقامِهم على الكفرِ، على علمٍ منهم بظلمِهم عبادَ اللهِ، وحسدًا للعربِ، وبغيًا على رسولِه محمدٍ ، ﴿لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ﴾. يعنى: لم يكنِ اللهُ ليعفوَ (٣) لهم عن ذنوبِهم، بتركِه (٤) عقوبتَهم عليها، ولكنه يفضَحُهم بها جل ثناؤُه بعقوبتِه إياهم عليها،

﴿وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا﴾. يقولُ: ولم يكن اللهُ تعالى ذكرُه ليهدىَ هؤلاء الذين كفَروا وظلَموا، الذين وصَفنا صفتَهم، فيوفِّقَهم لطريقٍ من الطرقِ التى ينالون بها ثوابَ اللهِ، ويصِلُون بلزومِهم إياها (٥) إلى الجنةِ، ولكنه يخذُلُهم عن ذلك، حتى يسلُكوا طريقَ جهنمَ. وإنما كنَى بذكرِ الطريقِ عن الدِّينِ. وإنما معنى الكلامِ: لم يكنِ اللهُ ليوفِّقَهم للإسلامِ، ولكنه يخذُلُهم عنه إلى طريقِ جهنمَ، وهو الكفرُ. يعني: حتى يكفُروا باللهِ ورسلِه، فيدخُلوا جهنَّمَ، ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾. يقولُ:


(١) فى م: "رسله".
(٢) فى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "فكفروا"، وفى م: "وكفروا".
(٣) فى الأصل، ت ٢: "ليغفر".
(٤) فى الأصل: "لتركه".
(٥) فى ص، م: "إياه".