للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يريدُ: أرْوِدا (١). وقد حُكي فتحُ الهاءِ في ذلك بمعنى الهَوانِ، واسْتَشْهَدوا على ذلك ببيتِ عامرِ بنِ جُوَيْنٍ (٢):

نُهِينُ النفوسَ وهَوْنُ النفوسِ … عندَ الكَريهةِ أعْلَى لها

والمعروفُ مِن كلامِهم ضمُّ الهاءِ منه إذا كان بمعنى الهَوانِ والذلِّ، كما قال ذو الإِصْبَعِ العَدْوانيُّ (٣):

اذْهَبْ إليك فما أُمِّي براعيةٍ (٤) … تَرْعَى الْمَخَاضَ ولا أُغْضِي على الهُونِ (٥)

يعني: على الهَوانِ. وإذا كان بمعنى الرفق ففتْحَها.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ﴾.

وهذا خبرٌ مِن اللهِ جلَّ ثناؤُه عما هو قائلٌ يومَ القيامةِ لهؤلاءِ العادِلين به الآلهةَ والأندادَ، يُخْبِرُ عبادَه أنه يقولُ لهم عندَ وُرودِهم عليه: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى﴾.

ويعني بقولِه: ﴿فُرَادَى﴾: وُحدانًا لا مالَ معهم ولا [إناثَ ولا رقيقَ] (٦)، ولا شيءَ مما كان اللهُ خوَّلَهم في الدنيا، ﴿كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ عُراةً غُلْفًا غُرْلًا حفاةً


(١) في م: "رودا". وأرودا: ارفقا وتمهلا. اللسان (ر و د).
(٢) البيت للخنساء، كما في أنيس الجلساء في ملخص شرح ديوان الخنساء ص ١١٥.
(٣) البيت في اللسان (هـ و ن)، وينظر المفضليات ص ١٦٠، وأمالي المرتضى ١/ ٢٥٢.
(٤) يعني: لست ١ بن أمة. ينظر المفضليات الموضع السابق.
(٥) المخاض: اسم للنوق الحوامل. المصدر السابق.
(٦) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أثاث ولا رفيق"، وفي ف: "إناث ولا رفق". وينظر تفسير البغوي ٣/ ١٦٩.