للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باخترام المنيةِ إياه قبل بلوغِه إياها على ربِّه.

﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾. يقولُ: ولم يَزَلِ اللهُ تعالى ذكره ﴿غَفُورًا﴾.

يعني: ساترًا ذنوب عباده المؤمنين بالعفو لهم عن العقوبة عليها، ﴿رَحِيمًا﴾. بهم رفيقًا.

وذكر أن هذه الآية نزلت بسبب بعض من كان مقيمًا بمكة وهو مسلمٌ، فخرج لمَّا بلغه أن الله أَنْزَل الآيتين قبلها، وذلك قولُه جلَّ وعزَّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾. إلى قوله: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾، فمات في طريقه قبل بلوغه (١) المدينة.

ذكرُ الأخبار الواردة بذلك

حدَّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هُشَيْمٌ، عن أبي بشرٍ، عن سعيدٍ بن جبيرٍ في قوله: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾. قال: كان رجلٌ مِن خُزاعةَ يُقالُ له: ضَمْرَةُ بنُ العِيصِ أو العيصُ بِنْ ضَمْرَةَ بن زِنْباعٍ، قال: فلمَّا أُمِرُوا بالهجرة كان مريضًا، فأمر أهلَه أن يَفْرِشوا له على سريرِه ويَحْمِلوه إلى رسول الله . قال: ففعلوا، فأتاه الموتُ وهو بالتنعيم، فنزلت هذه الآية (٢).

حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّارٍ، قال: ثنا محمد بن جعفرٍ، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبيرٍ، أنه قال: نزلت هذه الآية: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾. في ضَمْرَةَ بن العِيصِ بن


(١) في ص، س: "بلوغ".
(٢) أخرجه سعيد بن منصور (٦٨٥ - تفسير) - ومن طريقه البيهقى ٩/ ١٤ - عن هشيم به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٠٧ إلى عبد بن حميد.