للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنت تَعْنِيه، وكذَّبْتَه تَكذيبًا غير مكشوف (١)، وهو في القرآن وكلام العرب كثيرٌ؛ أن يُوجَّهَ الكلامُ إلى أحسن مذاهبه إذا عُرِف (٢)، كقول القائل (٣): والله لقد قدم فلان. وهو كاذبٌ، فيقولُ: قُلْ: إن شاء الله. أو قل: فيما أَظُنُّ. فَيُكَذِّبُه بِأَحْسَنَ من (٤) تَصْرِيحِ التَّكذيب، قال: ومن كلام العرب أن يقولوا: قاتله الله. ثم يستقبحُ فيقولون: قاتَعه (٥) الله، وكاتَعه الله. قال: ومن ذلك: وَيْحَكَ، ووَيْسَك. إنما هي في معنى: وَيْلَك. إلا أنها دونَها (٦).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندى (٧)، أن ذلك أمرٌ مِن الله نبيَّه بتكذيب مَن أمره بخطابه بهذا القول، بأحسن (٨) التكذيب، كما يقولُ الرجلُ لصاحبٍ له يخاطبه، وهو يريدُ تَكْذيبه في خبر له: أحدنا كاذب. وقائلُ ذلك يعنى صاحبه لا نفسه؛ فلهذا المعنى صَيَّر الكلامَ بـ "أو" (٩).

القول في تأويل قوله جلَّ ثناؤه: ﴿قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (٢٦)﴾.

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد : قُلْ لهؤلاء المشركين: أحد فريقينا على هُدًى، والآخرُ على ضلال، لا تُسألون أنتم


(١) في ت ٢: "مكتوف".
(٢) في ت ٢: "عرفه".
(٣) بعده في م: "لمن قال"، وبعده في ت ١، ت ٢: "قال".
(٤) سقط من: م، ت ١، ت ٢.
(٥) في م، ت ١، ت ٢: "قاتله".
(٦) ينظر معاني القرآن للفراء ٢/ ٣٦٢.
(٧) في الأصل: "عندنا".
(٨) في م، ت ١، ت ٢: "بأجمل".
(٩) في الأصل: "بالواو".