للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رُوِى عن ابن عباسٍ أنه قال: يَعْنى مُلْكَ سليمانَ؛ لأن ذلك هو المعروفُ في كلامِ العربِ، دونَ الذي قال [من قال] (١): إنه مُلْكُ النُّبَّوةِ. ودونَ قولِ مَن قال: إنه تحليلُ النساءِ والمِلْكُ عليهنَّ؛ لأن كلامَ الله جل ثناؤه الذي خُوطِبت به العربُ غيرُ جائزٍ توجيهُه إلا إلى المعروفِ المستعمَلِ فيهم مِن معانيه، إلا أن تَأْتِيَ دَلالَةٌ أَو تَقُومَ حُجَّةٌ على أن ذلك بخلافِ ذلك، يَجِبُ التسليمُ لها.

القولُ في تأويلِ قولهِ جلَّ ثناؤُه: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (٥٥)﴾.

قال أبو جعفرٍ محمدُ بنُ جريرٍ : يَعْنى بذلك جلَّ ثناؤه: فمِن الذين أُوتُوا الكتابَ من يهودِ بني إسرائيلَ الذين قال لهم جلَّ ثناؤُه: ﴿آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا﴾ - ﴿مَنْ آمَنَ بِهِ﴾. يَقُولُ: مَن صدَّق بما أنْزَلنا على محمدٍ مصدِّقًا لما معهم، ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ﴾. يقولُ: ومنهم مَن أعرَض عن التصديقِ به.

كما حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: حدَّثني عيسى، وحدَّثنى المثنى، قال: حدَّثنا أبو حذيفةَ، قال: حدَّثنا شبلٌ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ﴾. قال: بما (٢) أُنْزِل على محمدٍ مِن يهودَ، ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ﴾ (٣).


(١) سقط من: م.
(٢) في الأصل: "ما".
(٣) تفسير مجاهد ص ٢٨٤، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٨١ (٥٤٨٤)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٧٣ إلى عبد بن حميد وابن المنذر، وتقدم أوله في ص ١٥٣، ١٥٨، ١٥٩.