للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ﴾. قال: العاجلةُ الدنيا.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (١٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: مَن أراد الآخرةَ، وإيَّاها طلَب، ولها عمِلَ عملَها، الذي هو طاعةُ اللَّهِ وما يُرْضِيه عنه. وأضاف "السعىَ" إلى الهاءِ والألفِ، وهى كنايةٌ عن "الآخرةِ"، فقال: وسعَى للآخرةِ سعىَ الآخرةِ. ومعناه: وعمِل لها عملَها؛ لمعرفةِ السامعين بمعنى ذلك، وأن معناه: وسعَى لها سعيَه لها. ﴿وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾. يقولُ: هو مؤمنٌ مُصَدِّقٌ بثوابِ اللَّهِ وعظيمِ جزائِه على سعيِه لها، غيرُ مكذِّبٍ به تكذيبَ مَن أراد العاجلةَ. يقولُ اللَّهُ جلَّ ثناؤُه: ﴿فَأُولَئِكَ﴾. يعنى: فمَن فعَل ذلك، ﴿كَانَ سَعْيُهُمْ﴾. يعنى: عملُهم بطاعةِ اللَّهِ، ﴿مَشْكُورًا﴾. وشكرُ اللَّهِ إيَّاهم على سعيِهم ذلك حُسْنُ جزائِه لهم على أعمالِهم الصالحةِ، وتجاوزُه لهم عن سيئِها برحمتِه.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا﴾: شَكَرَ اللَّهُ لهم حسناتِهم، وتجاوَز عن سيئاتِهم (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (٢٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: يُمدُّ يا محمدُ ربُّك كلا الفريقين من مُريدِ [العاجلةِ، ومريدِ] (٢)


(١) تمام الأثر المتقدم في الصفحة السابقة.
(٢) في م، ف: "مريدى".