للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾. قال للمشركين: أنَّى تُصْرَفُ عقولُكم عن هذا؟

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٧)﴾.

اختَلف أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ﴾؛ فقال بعضُهم: ذلك لخاصٍّ مِن الناسِ، ومعناه: إن تكفُروا أيُّها المشركون باللهِ، فإن الله غنيٌّ عنكم، ولا يَرْضَى لعبادِه المؤمنين الذين أخلَصهم لعبادتِه وطاعتِه - الكفرَ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ﴾. يعنى الكفارَ الذين لم يُرِدِ اللهُ أن يُطَهِّرَ قلوبَهم فيقولوا: لا إلهَ إلا اللهُ. ثم قال: ﴿وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ﴾، وهم عبادُه المُخْلِصون الذين قال: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ [الحجر: ٤٢]. فألزَمهم شهادةَ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وحَبَّبها إليهم (١).

حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ: ﴿وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ﴾. قال: لا يرضَى لعبادِه المؤمنين أن يكفُروا (٢).


(١) أخرجه البيهقى في الأسماء والصفات (٣٢٣) من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٢٣ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) ذكره البغوي في تفسيره ٧/ ١٠٩، والقرطبي في تفسيره ١٥/ ٢٣٦.