للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى ضيافةٍ، وأن يَحْمِلَه إن احتاج إلى حُمْلانٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾.

يعنى بذلك جلّ ثناؤه: والذين ملَكْتموهم مِن أرِقَّائِكم. فأضاف المِلْكَ إلى اليميِن؛ كما يقالُ: تكلَّم فوك، ومشَت رجلُك، وبطَشت يدُك. بمعنى: تكلَّمْتَ، ومشَيْتَ، وبطَشْتَ. غيرَ أن ما وُصِف به كلُّ عضوٍ مِن ذلك، فإنما أَضِيفَ إليه ما وُصِف به، لأنه بذلك يكونُ فى المتعارَفِ في الناسِ، دونَ سائرِ جوارح الجسدِ، فكان معلومًا -بوصفِ ذلك العضوِ بما وُصِف به مِن ذلك المعنى- المرادُ مِن الكلامِ، فكذلك قولُه: ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾. لأن مماليكَ أحدِنا تحتَ يَدَيْه (١)، إنما [تَطْعَمُ ما تُناوِلُه أيمانُنا وتكتسى ما تَكْسُوه وتَصْرِفُه] (٢) فيما أحبَّ صرفَه فيه بها، فأُضِيف ملكُهم إلى الأيمانِ لذلك.

وبنحوِ ما قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾: ما خوَّلك اللهُ، كلُّ هذا أوصى اللهُ به (٣).

وإنما يعنى مجاهدٌ بقولِه: كلُّ هذا أوصى اللهُ به. الوالدين وذا القربى واليتامى والمساكينَ والجارَ ذا القُرْبَى، والجارَ الجُنُبَ، والصاحبَ بالجنبِ، وابنَ السبيلِ، فأوصى ربُّنا جل ثناؤه بجميع هؤلاء عبادَه؛ إحسانًا إليهم، وأمَر خلقه بالمحافظةِ على


(١) في م: "يده".
(٢) فى م: "نطعم .... ونكسى .... ونصرفه".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٣/ ٩٥٠ (٥٣١١) من طريق أبي حذيفة به، وعزاه السيوطي أيضًا في الدر المنثور ٢/ ١٥٩ إلى ابن المنذر.