للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن ذلك مِن كلامِهم جرَى في أخبارِهم عن بنى آدمَ، وكَثُر به استعمالُه (١) فيهم، حتى قالوا ذلك في غيرِ بنى (٢) آدمَ وما لا يَدَ له.

و "الرحمةُ" التي ذَكَرها جلَّ ثناؤُه في هذا الموضعِ، المطرُ.

فمعنى الكلامِ إذن: واللهُ الذي يرسلُ الرياحَ لَيِّنًا هُبوبها، طيِّبًا نَسِيمُها، أمامَ غَيْثِه الذي يسوقُه بها إلى خلقِه، فيُنْشِئُ بها سحابًا ثقالًا، حتى إذا أقَلَّتها - والإقلالُ بها حَمْلُها، كما يقالُ: اسْتقلَّ البعيرُ بحِمْلِه وأقلَّه. إذا حَمَله فقامَ به - ساقَهُ اللَّهُ لإحياءِ بلدٍ مَيِّتٍ قد تَعَفَّت مزارعُه، ودَرَسَت مشاربُه، وأَجْدَبَ أهلُه، فأنزَل به المطرَ، وأَخْرَجَ به مِن كلِّ الثمراتِ.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ نَشْرًا بينَ يَدَى رَحْمَتِهِ) إلى قولِه: ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾. قال: إن الله يُرسلُ الريحَ، فتأتى بالسحابِ مِن بين الخافقَين، طرفِ السماءِ والأرضِ مِن (٣) حيثُ يَلْتَقيان، فيُخْرِجُه مِن ثَمَّ، ثم يَنشُرُه فَيَبْسُطه في السماءِ كيف يشاءُ، ثم يَفتحُ أبوابَ السماءِ، فيَسِيلُ الماءُ على السحابِ، ثم يمطِرُ السحابُ بعدَ ذلك، وأما: ﴿رَحْمَتِهِ﴾: فهو المطرُ (٤).


(١) في الأصل، ص، ت ١، س، ف: "استعمالهم".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "ابن".
(٣) سقط من: الأصل، ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٠١، ١٥٠٢ (١٦٠٥، ٨٦٠٩) من طريق أحمد بن المفضل به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٩٣ إلى أبى الشيخ.