للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُرْسِلُ الرِّيَاحَ نُشُرًا) بضَمِّ النونِ والشينِ (١)، بمعنى جمعِ نَشورٍ جُمع نُشُرًا، كما يُجْمَعُ الصَّبورُ صُبُرًا، والشَّكُورُ شُكُرًا.

وكان بعضُ أهلِ العلمِ بكلامِ العربِ (٢) يقولُ: معناها إذا قُرِئت كذلك أنها الريحُ التي تَهُبُّ مِن كلِّ ناحية، وتجيءُ مِن كلِّ وجه.

وكان بعضُهم يقولُ: إذا قُرِئت بضَمِّ النونِ، فينبغي أن تُسَكَّنَ شِينُها؛ لأن ذلك لغةٌ بمعنى "النَّشْرِ" بالفتحِ، وقال: العربُ تَضُمُّ النونَ مِن "النُّشْرِ" أحيانًا، وتفتحُ أحيانًا بمعنًى واحدٍ. وقال: فاختلافُ القرَأةِ في ذلك على قَدْرِ اختلافِها في لُغتها فيه. وكان يقولُ: هو نظيرُ "الخَسْفِ" و "الخُسْفِ"، بفتحِ الخَاءِ وضمِّها.

والصوابُ مِن القولِ (٣) في ذلك أن يقالَ: إن قراءةَ مَن قرَأ ذلك: (نَشْرًا) و (نُشُرًا)، بفتح النونِ وسكونِ الشينِ، وبضمِّ النونِ والشين، قراءتان مشهورتان في قرأةِ الأمصار [متقاربتا المعنى، فبأيِّهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ الصوابَ في ذلك. وأما قراءةُ ذلك بالباءِ، فقراءةٌ قليلٌ مَن يقرأُ بها مِن قرأَةِ الأمصارِ] (٤)، فلا أُحبُّ القراءةَ بها، وإن كان لها معنًى صحيحٌ، ووجهٌ مفهومٌ في المعنى والإعرابِ؛ لِما ذَكَرناه مِن العلةِ (٥).

وأما قولُه: ﴿بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾. فإنه يقولُ: قُدَّامَ رحمتِه وأمامَها.

والعربُ تقولُ كذلك لكلِّ شيءٍ يحْدُثُ قُدَّامَ شيءٍ وأَمامَه: جاء بينَ يَدَيْه؛


(١) وهى قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو، وأبي جعفر ويعقوب. النشر ٢/ ٢٠٣.
(٢) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ١/ ٢١٧.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "القراءة".
(٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٥) القراءة بالباء وسكون الشين متواترة.