للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعضُهم بما حدَّثني عبدُ اللهِ، قال: ثنا عبْدانُ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ المباركِ، عن ابن جُرَيجٍ قراءةً، قال: قلتُ لعطاءٍ: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾. قال: أطيبُ (١) ما حولَك. قلتُ: مكانٌ [جُرُزٌ غيرُ بَطِحٍ] (٢)، أَيُجْزِئُ عنى؟ قال: نعم (٣).

ومعنى الكلامِ: فإن لم تَجِدوا ماءً أيُّها الناسُ، وكنتُم مرضى أو على سفرٍ أو جاء أحدٌ منكم مِن الغائطِ أو لامستُمُ النساءِ، فأرَدْتُم أن تُصَلُّوا ﴿فَتَيَمَّمُوا﴾. يقولُ: فتعَمَّدوا وجهَ الأرضِ الطاهرَ، و ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم﴾.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم﴾.

قال أبو جعفرٍ: يعنى تعالى ذكرُه بذلك: فامْسَحوا منه بوجوهِكم وأيديكم.

ولكنه تركَ ذكْرَ "منه" اكْتِفاء بدَلالةِ الكلامِ عليه

والمسحُ منه بالوجهِ أن يَضْرِبَ المُتَيمِّمُ بيديه على وجهِ الأرضِ الطاهرِ، أو ما قام مَقامَه، فيَمْسَحَ بما علقِ مِن الغبارِ وجهَه، فإن كان الذي علقِ به مِن الغُبارِ كثيرًا، فنفَخ عن يديه أو نفَضَهما فجائزٌ، وإن لم يَعْلَقُ بيديه مِن الغُبارِ شيءٌ وقد ضرَب بيديه أو إحداهما الصعيدَ، ثم مسَح بهما أو بها وجهَه، أجْزَأه ذلك؛ لإجماعِ جميعِ الحُجَّةِ على أن المتيمِّمَ لو ضرَب بيديه الصعيدَ، وهو أرضُ رَمْلٍ فلم يَعْلَقْ بيديه منها شيءٌ فتيَمَّم به، أن ذلك مُجْزِئُه، لم يُخالف ذلك مَن يَجوزُ


(١) في الأصل، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الطيب".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "جرد غير بطح"، وفى م: "جرد غير أبطح". ومكان جرز، أي: لا ينبت. والبَطِح بمعنى الأَبْطَح: وهو مسيل واسع فيه دقاق الحصى. اللسان (ج ر ز، ب ط ح).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ١/ ٢١١ (٨١٥) من طريق ابن جريج به مختصرًا.