للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت الملائكة - فيما ذكر ابن إسحاق - تقولُ ذلك لمريمَ شِفاهًا.

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سَلمةُ، قال: ثنى ابن إسحاقَ، قال: كانت مريمُ حَبيسًا في الكنيسة، ومعها في الكنيسةِ غلامٌ اسمُه يوسفُ، وقد كان أمُّه وأبوه جعَلاه نذيرًا حَبيسًا، فكانا في الكنيسة جميعًا، وكانت مريمُ إذا نفد ماؤها وماء يوسفَ، أخَذا قُلتيْهما، فانطلقا إلى المفازة التي فيها الماءُ الذي يَسْتَعْذِبان منه، فيملآن قُلَّتيهما، ثم يرجِعان (١) إلى الكنيسة، والملائكة في ذلك مقبلةٌ على مريمَ: ﴿يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴾. فإذا سمع ذلك زكريا، قال: إن لابنة عمران لشَأنًا (٢).

القول في تأويل قوله: ﴿يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)﴾.

يعنى جل ثناؤُه بقوله - خبرًا عن قيل ملائكتِه لمريمَ -: ﴿يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ﴾: أخْلِصى الطاعةَ لربِّك وحدَه.

وقد دلَّلْنا على معنى "القُنوتِ" بشواهدِه فيما مضَى قبلُ، والاختلافُ بينَ أهلِ التأويل فيه في هذا الموضع نحوُ اختلافِهم فيه هنالك (٣).

وسَنَذْكُرُ قول بعضهم أيضًا في هذا الموضع؛ فقال بعضُهم: معنى ﴿اقْنُتِي﴾: أطيلى الركود (٤).


(١) بعده في ص، ت ٢: "بها"
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٥٩٣ مختصرًا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٣، ٢٤ إلى المصنف.
(٣) ينظر ما تقدم في ٢/ ٤٦١، ٤٦٤.
(٤) في س، ت ٢: "الركوع".