للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا ربَّنا، ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾. يعني: الشديدُ الانتقامِ ممن انتقَم منه، ﴿الْحَكِيمُ﴾. يقولُ: الحكيمُ في تدبيرِه خلقَه، وصرفِه إيَّاهم فيما فيه صلاحُهم.

وقولُه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: لقد كان لكم أيُّها المؤمنون قدوةٌ حسنةٌ في الذين ذكَرهم؛ إبراهيمَ والذين معه من الأنبياءِ، صلواتُ اللَّهِ عليهم، والرسلِ، ﴿لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾. يقولُ: لمن كان منكم يرجو (١) ثوابَ اللَّهِ، والنجاةَ في اليومِ الآخرِ.

وقولُه: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ومَن يتولَّ عمَّا أمَره اللَّهُ به وندَبه إليه، منكم ومن غيرِكم، فأعرَضَ عنه وأَدْبَر مُسْتَكبرًا، ووالَى أعداءَ اللَّهِ وأَلْقى إليهم بالمودةِ، فإن اللَّهَ هو الغنيُّ عن إيمانِه به، وطاعتِه إياه، وعن جميعِ خلقِه، الحميدُ عندَ أهلِ المعرفةِ بأيادِيه وآلائِه عندَهم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: عسى اللَّهُ أيُّها المؤمنون أن يَجْعَلَ بينَكم وبينَ الذين عاديتم من أعدائي من مشرِكي قريشٍ مودةً. ففعَل اللَّهُ ذلك بهم، بأن أسلَم كثيرٌ منهم، فصاروا لهم أولياءَ وأضْرابًا (٢).

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿عَسَى


(١) بعده في م: "لقاء الله و".
(٢) في م: "أحزابًا".