للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابنِ جريجٍ، عن مجاهدٍ مثلَ حديثِ محمدِ بنِ عمرٍو سواءً.

وأولى الأقوالِ فى ذلك بالصوابِ أن يقالَ: إن اللهَ ﷿ أخْبَر أن الذين ظلَموا أنفسَهم مِن كلِّ أُمَّةٍ سَلَفَت، فكفَروا باللهِ، اتَّبَعوا ما أُنْظِروا فيه مِن لذاتِ الدنيا (١)، فاسْتَكْبروا عن أمرِ اللهِ وتجَبَّروا، وصدُّوا عن سبيلِه.

وذلك أن المُتْرَفَ فى كلامِ العربِ هو المُنَعَّمُ الذي قد غُذِّى باللذاتِ، ومنه قولُ الراجزِ (٢):

نُهدِى (٣) رُءُوسَ المُتْرَفِين الصُّدَّادْ

إلى أميرِ المؤمنين المُمْتادْ

وقولُه: ﴿وَكَانُوا مُجْرِمِينَ﴾. يقولُ: وكانوا مُكْتَسبى الكفرِ باللهِ.

القولُ في تأويلِ قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (١١٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وما كان ربُّك يا محمدُ لِيُهْلِكَ القرى التي أهْلَكها -التي قَصَّ عليك نبأَها- ظُلمًا وأهلُها مُصْلِحون فى أعمالِهم، غيرُ مُسِيئِين، فيكونَ إهلاكُه إياهم مع إصلاحِهم في أعمالِهم وطاعتِهم ربَّهم ظلمًا، ولكنه أهْلَكها لكُفْرِ (٤) أهلِها باللهِ، وتَمادِيهم في غَيِّهم، وتكذيبِهم رسلَهم، وركوبِهم السيئاتِ.


(١) بعده في ص، م، ت ١، س، ف: "فاستكبروا وكفروا بالله واتبعوا ما أنظروا فيه من لذات الدنيا".
(٢) هو رؤبة بن العجاج، كما في ديوانه ص ٤٠. وقد تقدم في ٩/ ١٢٢.
(٣) في ص، م: "يهدى"، وفى ف: "تهدى".
(٤) فى ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "بكفر".