للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ، قال: أكبرُ الكبائرِ الإشراكُ باللَّهِ؛ لأن اللَّهَ ﷿ يَقُولُ: ﴿مَنْ (١) يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ﴾ [المائدة: ٧٢]. وشهادةُ الزورِ، وكِتمانُ الشهادةِ؛ لأن الله يقولُ: ﴿وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ (٢).

وقد رُوِى عن ابن عباسٍ أنه كان يَقولُ: على الشاهدِ أن يَشْهَدَ حيثما اسْتُشِهدَ، ويُخْبِرَ بها حيثما اسْتُخْبِر.

حدَّثني المثنى، قال: ثنا سويدٌ، قال أخبَرنا ابن المباركِ، عن محمدِ بن مسلمٍ، قال: حدَّثنا عمرُو بنُ دينارٍ، عن ابن عباسٍ، قال: إذا كانت عندَك شهادةٌ، فسألك عنها، فأخْبره بها، ولا تَقُلْ: أُخْبِرُ بها عندَ الأميرِ. أخبِرْه بها، لعله يَرجِعُ أَو يَرْعَوِى (٣).

وأما قوله: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾. فإنه يَعْنى بذلك: بما تَعْمَلون في شهادتِكم، مِن إقامتِها والقيامِ بها، أو كتمانِكم إياها عندَ حاجةِ مَن اسْتَشْهَدَكم إليها، وبغيرِ ذلك مِن سرائرِ أعمالِكم وعلانِيتِها، ﴿عَلِيمٌ﴾ يُحْصِيه عليكم ليَجْزِيَكم بذلك كلِّه جزاءَكم؛ إما خيرًا وإما شرًّا، على قدرِ استحقاقِكم.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾.

يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾: للَّهِ ملكُ كلِّ ما


(١) في النسخ: "ومن".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٧١ (٣٠٥١)، والطبراني في الكبير ١٢/ ٢٥٢ (١٣٠٢٣) من طريق أبي صالح به، وهو عند الطبراني مطول.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٥٥٥٩) عن محمد بن مسلم به، ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد ١٧/ ٣٠١.