للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في إسنادِه بعضُ مَن يَجِبُ التثَبُّتُ في نقلِه (١) - قولُ مَن قال: ذلك أربعون سنةً؛ لأن في الأربعين يَتَناهى عقلُ الإنسانِ وفهمُه، وما قبلَ ذلك وما بعدَه، مُنْتَقَصٌ عن كمالِه في حالِ الأربعين.

وقوله: ﴿وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ﴾.

اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في معنى النذيرِ (٢)؛ فقال بعضُهم: عنَى به محمدًا .

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ﴾. قال: النذيرُ: النبيُّ. وقرَأ: ﴿هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى﴾ (٣) [النجم: ٥٦].

وقيل: عنَى به الشيبَ.

فتأويلُ الكلامِ إذًا: أولم نُعَمِّرُكم يا معشرَ المشركين باللهِ مِن قريشٍ مِن السنين، ما يَتَذَكَّرُ فيه مَن تذَكَّر، مِن ذَوِى الألبابِ والعقولِ، واتَّعَظ منهم مَن اتَّعَظ، وتاب مَن تاب، وجاءكم من اللهِ منذِرٌ يُنْذِرُكم ما أنتم فيه اليومَ مِن عذابِ اللهِ، فلم تَتَذَكَّروا مَواعظَ اللهِ، ولم تَقْبلوا مِن نذيرِ اللهِ الذي جاءكم، ما أتاكم به مِن عندِ ربِّكم.


(١) قال ابن كثير في تفسيره ٦/ ٥٤١ بعد أن ذكر حديث أبى هريرة الماضي بسند المصنف: فقد صح هذا الحديث من هذه الطرق، فلو لم يكن إلا الطريق التي ارتضاها أبو عبد الله البخارى شيخ هذه الصناعة - لكفت، وقول ابن جرير: "إن في رجاله بعض من يجب التثبت في أمره"، لا يلتفت إليه مع تصحيح البخاري، والله أعلم.
(٢) بعده في الأصل: "الذي عناه الله في هذا الموضع".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٥٤ إلى المصنف وابن أبي حاتم.