للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنفُسَهم بأداءِ ما أكلِّفُهم مِن فرائضِي مع ابتلائِي إيَّاهم بما أبْتَلِيهم (١) به، القَائلين إذا أصابتْهم مصيبةٌ: نحن (٢) للهِ ونحن (٢) إليه راجعون. فأمَره اللهُ ﷿ بأن يَخصَّ بالبشارَةِ على ما يَمْتَحِنُهم به من الشدائدِ، أهلَ الصبرِ الذين وصَف صِفتَهم.

وأصلُ "التبشيرِ": إخبارُ الرجلِ الرجلَ الخبرَ يَسُرُّه أو يَسوءُه لم يَسْبِقْه به إليه غيرُه.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦)﴾.

يعني بذلك: وبشِّرْ، يا محمدُ، [من الصابرين] (٣)، الصابرين الذين يعلَمون أن جميعَ ما بهم مِن نعمةٍ فمنِّي، فيُقرُّون بعبودتي (٤)، ويوحِّدونَني بالرُّبوبيةِ، ويصدِّقون بالمعادِ والرجوعِ إليَّ، فيَستسْلِمون لقضائِي، ويَرجُون ثَوابِي، ويخافون عقابِي، ويقولون - عندَ امتحانِي إيَّاهم ببعضِ مِحَنِي، وابتلائِي إيَّاهم بما وعَدتُهم أن أبتلِيَهم به من الخوفِ والجوعِ ونقصٍ من الأموالِ والأنفسِ والثمراتِ وغيرِ ذلك من المصائبِ التي أنا مُمْتَحِنُهم بها -: إنّا مماليكُ رِّبنا ومَعْبودِنا أحياءً ونحنُ عبيدُه، وإنّا إليه بعدَ مَماتِنا صائرونَ. تسليمًا لقضائِي ورضًا بأحكامِي.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧)﴾.

يعني بقولِه: ﴿أُولَئِكَ﴾: هؤلاءِ الصابرين الذين وصَفهم ونعَتهم.

﴿عَلَيْهِمْ﴾ يعني: لهم ﴿صَلَوَاتٌ﴾ يعني: مغفرةٌ. وصلواتُ اللهِ على عبادِه:


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ابتليتهم".
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "إنا".
(٣) سقط من: م.
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بعبوديتي".