وذكر بعضُهم أن العرب تقولُ: كلَّمتُ فلانًا في حاجةٍ، فرد يده في فيه. إذا سكت عنه فلم يُجِبْ، وهذا أيضًا قول لا وجه له؛ لأن الله عزَّ ذكرُه، قد أخبر عنهم أنهم قالوا: ﴿إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ﴾، فقد أجابوا بالتكذيب.
وأشبه هذه الأقوال عندى بالصواب في تأويل هذه الآية، القولُ الذي ذكرناه عن عبد الله بن مسعود؛ أنهم ردُّوا أيديهم في أفواههم، فعضوا عليها غيظًا على الرسل، كما وصف الله ﷿ به إخوانهم من المنافقين، فقال: ﴿وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [آل عمران: ١١٩]. فهذا هو الكلام المعروف، والمعنى المفهوم من ردِّ اليدِ إلى الفم.
وقوله: ﴿وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ﴾. يقول ﷿: وقالوا لرُسُلِهم: إنا كفَرنا بما أَرْسَلَكم به مَن أَرْسَلَكم، من الدعاء إلى تركِ عبادة الأوثان والأصنام، ﴿وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ﴾ من حقيقة ما تَدْعوننا إليه، من توحيدِ اللهِ، ﴿مُرِيبٍ﴾. يقولُ: يُرِيبنا ذلك الشك، أي يُوجِبُ لنا الرِّيبة والتهمة فيه، يقال منه: أراب الرجلُ: إذا أتى بريبةٍ، يُرِيب إرابةً.