للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ﴿جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيَّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ﴾. يقولُ: قومُهم كذَّبوا رُسُلَهم، وردُّوا عليهم ما جاءوا به من البينات، وردُّوا عليهم بأفواههم، وقالوا: ﴿إِنَّا لَفِي شَكّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثورٍ، عن معمر، عن قتادةَ في قوله: ﴿فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ﴾. قال: ردُّوا على الرسل ما جاءت به (١).

وكأن مجاهدا وجَّه قولَه: ﴿فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ﴾. إلى معنى: ردُّوا أياديَ الله التي لو قبلوها كانت أيادى ونعمًا له عندهم، فلم يقبلوها. ووجَّه قولَه: ﴿فِي أَفْوَاهِهِمْ﴾ إلى معنى: بأفواههم، يعني: بألسنتهم التي في أفواههم. وقد ذُكِر عن بعض العرب سماعا: أدخلك الله بالجنة. يَعْنون: في الجنة. ويُنْشَدُ هذا البيتُ (٢):

وأَرْغَبُ فيها عن لَقِيطٍ ورَهْطِه … ولكننى عن سِنْبِسٍ لستُ أرْغَبُ (٣)

يريدُ: وأرغب فيها، يعنى [بابنةٍ له] (٣)، عن لقيطٍ، ولا أَرْغَبُ بها عن قبيلتي.

وقال آخرون: بل معنى ذلك أنهم كانوا يَضَعون أيديهم على أفواه الرسل، ردا عليهم قولهم وتكذيبًا لهم.

وقال آخرون: هذا مَثَلٌ، وإنما أُريد أنهم كفُّوا عما أُمروا بقبوله من الحقِّ، ولم يؤمنوا به ولم يسلموا، وقال: يقال للرجل إذا أمسك عن الجواب فلم يُجِبْ: ردَّ يده


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٣٤١ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٧٢ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) البيت في معاني القرآن ٢/ ٧٠، ٢٢٣، واللسان (ذ ر أ).
(٣) في م: "أرغب بها".