للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسفكُ الدمِ بغيرِ حقٍّ مِن الإسرافِ، وقد كان مُجْتَمِعًا في فرعونَ الأمران كلاهما، فالحقُّ أن يُعَمَّ ذلك، كما أخبَر جلَّ ثناؤُه عن قائلِه، أنه عَمَّ القولَ بذلك.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿يَاقَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (٢٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مُخْبِرًا عن قِيلِ المؤمنِ مِن آلِ فرعونَ لفرعونَ ومَلَئِهِ: ﴿يَاقَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ﴾. يَعْنى أرضَ مصرَ. يقولُ: لكم السلطانُ اليومَ والملكُ، ظاهرين أنتم على بني إسرائيلَ في أرضِ مصرَ، ﴿فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ﴾. يقولُ: فمن يَدْفَعُ عنا بَأْسَ اللهِ وسَطْوَتَه إِن حَلَّ بنا، [وعقوبتَه] (١) إن جاءَتْنا؟ ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى﴾. يقول: قال فرعونُ مجيبًا لهذا المؤمنِ الناهي عن قتلِ موسى: ما أُرِيكم، أيُّها الناسُ، مِن الرَّأْيِ والنصيحةِ إلا ما أَرَى لنفسي ولكم صلاحًا وصوابًا، ﴿وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾. يقولُ: وما أَدْعُوكم إلا إلى طريقِ الحقِّ والصوابِ في أمرِ موسى وقتلِه، فإنكم إن لم تَقْتُلوه بَدَّل دينَكم، وأظْهَر في أرضِكم الفسادَ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (٣٠) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (٣١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وقال المؤمنُ مِن آلِ فرعونَ لفرعونَ ومَلَئِه: يا قومِ، إني أخافُ عليكم بقتلِكم موسى، إن قَتَلتُموه، مِثْلَ يومِ الأحزابِ الذين تَحَزَّبوا


(١) في ص، ت ١، ت ٢: "وعقوبة منه".