للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ يقولُ: لهم عفوٌ مِن اللَّهِ عن ذنوبِهم، ﴿وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾. يقولُ: وثوابٌ مِن اللَّهِ لهم على خَشْيتِهم إيَّاه بالغيبِ جزيلٌ.

وقولُه: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ﴾ يقولُ جلَّ ثناؤُه: وأَخْفُوا قولَكم وكلامَكم أيُّها الناسُ أو أَعْلِنوه وأَظْهِروه، ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾. يقولُ: إنه ذو علمٍ بضمائرِ الصدورِ التي لم يُتَكلَّمْ بها، فكيف بما نُطِق به وتكلِّم به، أُخْفى ذلك أو أُعْلِن؛ لأنَّ مَن لم تَخْفَ عليه ضمائرُ الصدورِ، فغَيْرُها أَحْرى ألا يَخْفى عليه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿أَلَا يَعْلَمُ﴾ الربُّ جلَّ ثناؤُه، ﴿مَنْ خَلَقَ﴾: مَن خَلَقه. يقولُ: كيف يَخْفى عليه خَلْقُه الذي خلَق، ﴿وَهُوَ اللَّطِيفُ﴾ بعبادِه، ﴿الْخَبِيرُ﴾ بهم وبأعمالِهم.

وقولُه: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: اللَّهُ الذي جعَل لكم الأرضَ ذلولًا سهلًا، سهَّلها لكم، ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾.

واختلَف أهلُ العلمِ في معنى: ﴿مَنَاكِبِهَا﴾؛ فقال بعضُهم: مناكبُها جبالُها.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿فِي مَنَاكِبِهَا﴾. يقولُ: جبالِها (١).


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٤٨ إلى المصنف وابن المنذر.