للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدِ عبدِ الصمدِ بن عليٍّ. ورأيتُ مسجدَ المنافقين الذي ذَكَره اللَّهُ في القرآنِ، وفيه حَجَرٌ يخرُجُ منه الدخانُ، وهو اليومَ مَزبَلةٌ.

وقوله: ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾. يقولُ: واللَّهُ لا يُوفِّقُ للرَّشادِ في أفعالِه، مَن كان بانيًا بناءَه في غيرِ حَقِّه وموضعِه، ومَن كان مُنافِقًا مُخالِفًا بفعِله أمرَ اللَّهِ وأمرَ رسولِه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١١٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: لا يزالُ بُنيانُ هؤلاء ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا﴾ (١). يقولُ: لا يزالُ مسجدُهم الذي بَنَوه ﴿رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ يعنى: شَكًّا ونِفاقًا في قلوبِهم، يَحْسَبون أنهم كانوا في بنائِهِ مُحْسِنِينَ، ﴿إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ﴾. يعنى: إلا أن تَتَصدَّعَ قلوبهم فَيَموتوا، ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ﴾ بما عليه هؤلاء المنافقون الذين بَنَوا مسجدَ الضِّرارِ مِن شَكِّهم في دينِهم، وما قَصَدوا في بِنائِهموه وأرادوه، وما إليه صائرٌ أمرُهم في الآخرةِ، وفى الحياةِ ما عاشوا، وبغيرِ ذلك مِن أُمورِهم وأمورِ غيرِهم: ﴿حَكِيمٌ﴾ في تَدْبيرِه إياهم، وتَدْبيرِ جميعِ خلقِه.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾. يعنى: شَكًّا، ﴿إِلَّا أَنْ


(١) بعده في م: "ريبة".