للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبيُّ ﷺ ذات يومٍ، فأخذ عودًا يابسًا، فحَطّ ورقَه ثم قال: "إِنَّ قَوْلَ: لا إلهَ إلَّا الله، والله أكبرُ، والحمدُ للهِ، وسُبحانَ اللهِ، يَحُطُّ الخطايا، كما تَحُطُّ ورَقَ هذه الشَّجَرَةِ الريحُ، خُذْهُنَّ يا أبا الدَّرْدَاءِ قبل أن يُحال بينك وبينَهُنَّ، هُنَّ الباقياتُ الصالحات، وهُنَّ مِنْ كُنُوزِ الجنَّةِ". قال أبو سلمةَ: فكان أبو الدرداءِ إذا ذكَر هذا الحديثَ قال: لأُهلِّلنَّ الله، ولأُكبرنَّ الله، ولأُسبحنَّ الله، حتى إذا رآني الجاهلُ حَسب أني مجنونٌ (١).

لقولُ في تأويل قوله جلّ ثناؤُه: ﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (٧٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: أفرأيْتَ يا محمدُ الذِي كَفَرَ بأَدِلَّتِنا (٢) وحججِنا فلم يصدِّقْ بها، وأنكَر وعيدَنا أهلَ الكفرِ، وقال وهو باللهِ كافرٌ وبرسولِه: لأُوتَينَّ في الآخرةِ مَالًا وَوَلدًا.

وذُكِر أن هذه الآياتِ أُنزلت في العاصِ بن وائلٍ السَّهْميِّ أبي عمرِو بن العاصِ.

ذكرُ الروايةِ بذلك

حدَّثني أبو السائبِ وسعيدُ بنُ يحيى، قالا: ثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن مسلمٍ، عن مسروقٍ، عن خَبّابٍ، قال: كنت رجلًا قَيْنًا (٣)، وكان لي على العاصِ بن وائلٍ السَّهميِّ دَيْنٌ، فأَتيتُه أتقاضَاه، فقال: واللهِ لا أَقْضِيك حتى تكفرَ بمحمدٍ


(١) تفسير عبد الرزاق ٢/ ١٢، وأخرجه ابن ماجه (٣٨١٣)، وابن عدى في الكامل ٥/ ١٦٧٥ من طريق عمر بن راشد بنحوه مختصرا.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "بآياتنا".
(٣) القين: الحداد والصائغ. النهاية ٤/ ١٣٥.