للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (٨٤)﴾.

يعنى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿وَتَوَلَّى عَنْهُمْ﴾: وأعْرَض عنهم يعقوبُ، ﴿وَقَالَ يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ﴾. يعنى: يا حَزَنَا عليه! يُقالُ: إن الأسفَ هو أشدُّ الحزنِ والتندُّمِ، يُقالُ منه: أسِفْتُ على كذا آسَفُ عليه أسَفًا.

يقولُ اللَّهُ جلَّ ثناؤُه: وابيضَّتْ عينا يعقوبَ مِن الحزنِ ﴿فَهُوَ كَظِيمٌ﴾. يقول: فهو مكظومٌ على الحزنِ، يعنى أنه مملوءٌ منه ممسِكٌ عليه لا يُبِينُه. صُرِف "المفعولُ" منه إلى "فعيلِ". ومنه قولُه: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾ [آل عمران: ١٣٤]. وقد بيَّنا معناه بشواهدِه فيما مضَى (١).

وبنحوِ ما قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ما قلنا في تأويلِ قولِه: ﴿وَقَالَ يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ﴾

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿وَتَوَلَّى عَنْهُمْ﴾: أعْرَض عنهم، وتتامَّ حزنُه، وبلَغ مجهودَه حين لحِق بيوسفَ أخوه، وهُيِّج عليه حزنُه على يوسفَ، فقال: ﴿يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ (٢).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، قولَه: ﴿وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ﴾. يقولُ


(١) ينظر ما تقدم في ٦/ ٥٧.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١٨٤، ٢١٨٥ (١١٨٧٦) من طريق سلمة به.