للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمَر به النبيُّ ﷺ أن يُقتَلَ يومَ فتحِ مكةَ، فاستجار له أبو عَمرٍو (١)، فأجاره النبيُّ ﷺ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (١١١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٠) يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ﴾ تُخاصِمُ عن نفسِها وتَحْتَجُّ عنها، بما أَسْلَفَتْ في الدُّنيا مِن خيرٍ أو شرٍّ، أو إيمانٍ أو كفرٍ، ﴿وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ﴾ في الدنيا مِن طاعةٍ ومعصيةٍ، ﴿وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾. يقولُ: وهم لا يُفْعَلُ بهم إلا ما يَسْتَحِقُونه ويَسْتَوْجِبونه، بما قَدَّموه من خيرٍ أو شرٍّ، فلا يُجزَى المحسنُ إلا بالإحسانِ، ولا المسئُ إلا بالذى أسْلَف مِن الإساءةِ، لا يُعاقَبُ محسنٌ، ولا يُبخَسُ جزاءَ إحسانِه، ولا يُثابُ مسيءٌ إلا ثوابَ عملِه.

واخْتَلَف أهلُ العربيةِ فى السببِ الذى من أجلِه قيل: ﴿تُجَادِلُ﴾، فَأَنَّث الكُلَّ.

فقال بعضُ نحويِّي البصرةِ: قيل ذلك لأن معني ﴿كُلُّ نَفْسٍ﴾: كلُّ


(١) هو عثمان بن عفان، كما في ترجمته فى الاستيعاب ٣/ ١٠٣٧، وأسد الغابة ٣/ ٥٨٤.
(٢) عزاه السيوطى في الدر المنثور ٤/ ١٣٢، ١٣٣ إلى المصنف، ووقع في مطبوعة الدر: "فاستجار له أبو بكر وعمر وعثمان بن عفان" وقد جاء على الصواب فى مخطوطة مكتبة المحمودية بالمملكة العربية السعودية. وهو تحريف من "أبو عمرو عثمان بن عفان" إلى ما ذكرناه، وجاء ذلك في الأثر الذى رواه أبو داود (٢٦٨٣، ٤٣٥٩)، والنسائى (٤٠٧٨) وغيرهما، من طريق مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، في قصة من أمر ﷺ بقتلهم يوم فتح مكة، وأيضا فيما رواه أبو داود (٤٣٥٨)، والنسائي (٤٠٨٠) من طريق يزيد النحوى عن عكرمة عن ابن عباس بنحو أثر المصنف هنا، وما ذكره ابن حجر في ترجمة ابن أبي سرح في الإصابة ٤/ ١٠٩، ١١٠.