للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمُشْترِى، فلم يكنْ له طالبٌ، فصار كالشيءِ الهالكِ. ومنه قولُ ابن الزِّبَعْرَى (١):

يا رسولَ المَلِيكِ إنَّ لسانِي … رَاتِقٌ ما فَتَقْتُ إِذْ أَنا بُورُ

وقد قيل: إنَّ "بور" مصدرٌ كالعدلِ والزورِ والقطرِ (٢)، لا يُثنَّى ولا يُجمَعُ ولا يُؤنَّثُ.

وإنَّما أُريدَ بالبورِ في هذا الموضعِ أنَّ أعمال هؤلاء الكفارِ كانتْ باطلةً؛ لأنَّها لم تكنْ للهِ، كما ذكَرنا عن ابن عباسٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مخبرًا عمَّا هو قائلٌ للمشركين عندَ تَبرِّى مَن كانوا يعبدونَه في الدنيا مِن دونِ اللهِ منهم: قد كذَّبوكم أيُّها الكافرون مَن زعمتُم أَنَّهم أضلُّوكم، ودعَوكم إلى عبادتِهم بما تقولون. يعنى: بقولِكم. يقولُ: كذَّبوكم بكذِبكم.

وبنحوِ الذي قلنا في تأويلِ ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ. عن مجاهدٍ: ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ﴾. يقولُ اللهُ للذين كانوا يعبدون عيسى وعُزيرًا والملائكةَ: يُكذِّبون المشركين (٣).


(١) تقدم في ١٣/ ٦٦٩.
(٢) في م، ف: "القطع".
(٣) تفسير مجاهد ص ٤٩٧، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٦٧٣، وتقدم أوله في ص ٤١٧.