للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سِواى، أَبْسُطُ لمَن شئتُ منها، وأُقَتِّرُ على مَن شئتُ، فلا يُخَلِّفنَّكم عن الهجرةِ وجهادِ عدوِّكم خوفُ العَيْلةِ، ﴿إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾. يقولُ: إِن اللهَ عليمٌ بمصالحِكم، ومَن لا [يَصْلُحُ له] (١) إلا البسطُ فى الرزقِ، ومَن لا يصلُحُ له إلا التَّقْتِيرُ عليه، وهو [العالمُ بكلِّ ذلك] (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (٦٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : ولئن سألتَ، يا محمدُ، هؤلاء المشركين باللهِ مِن قومِك: ﴿مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾، وهو المطرُ الذي يُنْزِلُه اللهُ من السحابِ، ﴿فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ﴾. يقولُ: فأحْيَا بالماءِ الذى أنزَله (٣) من السماءِ الأرضَ. وإحْياؤُها: إنباتُه النباتَ فيها، ﴿مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا﴾: مِن بعدِ جُدُوبِها وقُحُوطِها.

وقولُه: ﴿لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾. يقولُ: ليَقُولُنَّ: الذي فعَل ذلك، اللهُ الذي له عبادةُ كلِّ شيءٍ. وقولُه: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾. يقولُ: وإذا قالوا ذلك فقُلْ: الحمدُ للهِ ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾. يقولُ: بل أكثرُ هؤلاء المشركين باللهِ لا يَعْقِلون ما لهم فيه النَّفْعُ مِن أمرِ دينِهم، وما فيه الضُّرُّ، فهم لجَهْلِهم يحسَبون أنهم لعبادتِهم الآلهةَ دونَ اللهِ، يَنالون بها عندَ اللهِ زُلْفةً وقُرْبةٌ، ولا يعلَمون أنهم بذلك هالِكون، مُسْتوجِبون الخلودَ في النارِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ


(١) فى ت ١، ت ٢: "يصلحه".
(٢) في م: "عالم بذلك".
(٣) فى م: "نزل".