للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٢٨)﴾.

[يقولُ تعالى ذكرُه: واللَّهُ يَعْلَمُ إسرارَ هؤلاء المنافقين؛ فكيفَ لا يَعْلَمُ حالَهم إذا توفَّتهم الملائكةُ وهم يَضْرِبون وجوهَهم وأدبارَهم؟ يقولُ: فحالُهم أيضًا لا يَخْفَى عليه في ذلك الوقتِ. ويَعْنى بالأدبارِ الأعجازَ، وقد ذكَرْنا الروايةَ في ذلك فيما مضَى قبلُ (١).

وقولُه: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: تَفْعَلُ الملائكةُ هذا الذي وصَفتُ بهؤلاء المنافقين؛ من أجلِ أنهم اتَّبعوا ما أسخَط اللَّهَ فأغضَبه عليهم من طاعةِ الشيطانِ، ﴿وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ﴾. يقولُ: وكرِهوا ما يُرْضِيه عنهم من قتالِ الكفارِ به بعدَ ما افترَضه عليهم.

وقولُه: ﴿فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾. يقولُ: فأبطَل اللَّهُ ثوابَ أعمالِهم وأذهَبه؛ لأنها عُمِلت في غيرِ رِضاه ولا محبتِه، فبطَلت ولم تَنْفَعْ عاملَها.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (٢٩) وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (٣٠)﴾] (٢).

يقولُ تعالى ذكرُه: أحسِب هؤلاء المنافقون الذين في قلوبِهم شكٌّ في دينِهم وضعفٌ في يقينِهم، فهم حيارَى في معرفةِ الحقِّ - أن لن (٣) يُخْرِجَ اللَّهُ ما في قلوبِهم من الأضغانِ على المؤمنين فيُبْدِيَه لهم ويُظْهِرَه، حتى يَعْرِفُوا نِفاقَهم وحَيرتَهم في دينِهم، ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ولو نشاءُ


(١) سقط من: ت ١.
(٢) ينظر ما تقدم في ١١/ ٢٢٩ - ٢٣١.
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.